فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وجوز بعضهم أن لا يكون هناك تعليل وإنما الجملة الأولى مستأنفة ذكرت تمهيدًا للدعوة والثانية إظهارًا لأنه من بيت النبوة لتقوى الرغبة فيه، وفي كلام أبي حيان ما يقتضي أنه الظاهر وليس بذاك.
وقرأ الأشهب العقيلي والكوفيون: {آبائي} بإسكان الياء وهي مروية عن أبي عمرو: {مَا كَانَ} ما صح وما استقام فضلًا عن الوقوع: {لَنَا} معاشر الأنبياء لقوة نفوسنا، وقيل: أي أهل هذا البيت لوفور عناية الله تعالى بنا: {أَن نُّشْركَ بالله من شَيْء} أي شيئًا أي شيء كان من ملك أو جني أو إنسي فضلًا عن الصنم الذي لا يسمع ولا يبصر- فمن- زائدة في المفعول به لتأكيد العموم، ويجوز أن يكون المعنى شيئًا من الإشراك قليلًا كان أو كثيرًا فيراد من: {شيء} المصدر وأمر العموم بحاله، ويلزم من عموم ذلك عموم المتعلقات.
{ذَلكَ} أي التوحيد المدلول عليه بنفي صحة الشرك: {من فَضْل الله عَلَيْنَا} أي ناشئ من تأييده لنا بالنبوة والوحي بأقسامه، والمراد أنه فضل علينا بالذات: {وَعَلَى النَّاس} بواسطتنا: {وَلَكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لاَ يَشْكُرُونَ} أي لا يوحدون، وحيث عبر عن ذلك بذلك العنوان عبر عن التوحيد الذي يوجبه بالشكر لأنه مع كونه من آثار ما ذكر من التأييد شكر لله عز وجل.
ووضع الظاهر موضع الضمير الراجع إلى الناس لزيادة التوضيح والبيان ولقطع توهم رجوعه إلى مجموع الناس وما كنى عنه- بنا- الموهم لعدم اختصاص غير الشاكر بالناس، وفيه من الفساد ما فيه.
وجوز أن يكون المعنى ذلك التوحيد ناشئ من فضل الله تعالى علينا حيث نصب لنا أدلة ننظر فيها ونستدل بها على الحق، وقد نصب مثل تلك الأدلة لسائر الناس أيضًا من غير تفاوت ولكن أكثرهم لا ينظرون ولا يستدلون بها اتباعًا لأهوائهم فيبقون كافرين غير شاكرين، والفضل على هذا عقلي وعلى الأول سمعي.
وجوز المولى أبو السعود أن يقال: المعنى ذلك التوحيد من فضل الله تعالى علينا حيث أعطانا عقولًا ومشاعر نستعملها في دلائل التوحيد التي مهدها في الأنفس والآفاق، وقد أعطى سائر الناس أيضًا مثلها ولكن أكثرهم لا يشكرون أي لا يصرفون تلك القوى والمشاعر إلى ما خلقت هي له ولا يستعملونها فيما ذكر من أدلة التوحيد الآفاقية والأنفسية والعقلية والنقلية انتهى.
ولك أن تقول: يجوز أن تكون الإشارة إلى ما اشير إليه ب: {ذلكما} [يوسف: 37] ويراد منه ما يفهم مما قبل من علمه بتأويل الرؤيا.
و{من} في قوله: {من فضل الله} تبعيضية، ويكون قد أخبر عنه أولًا بأنه مما علمه إياه ربه وثانيًا بأنه بعض فضل الله تعالى عليه وعلى آبائه بالذات وعلى الناس بواسطتهم لأنهم يعبرون لهم رؤياهم فيكشفون لهم ما أبهم عليهم ويزيلون عنهم ما أشغل أذهانهم مع ما في ذلك من النفع الذي لا ينكره إلا نائم أو متناوم، ومن وقف على ما ترتب على تعبير رؤيا الملك من النفع الخاص والعلم لم يشك في أن علم التعبير من فضل الله تعالى على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون فضل الله تعالى مطلقًا أو فضله عليهم بوجود من يرجعون إليه في تعبير رؤياهم، ويكون ذلك نظير قولك لمن سألك عن زيد: ذلك أخي ذلك حبيبي، لكنه وسط هاهنا ما وسط وتفنن في التعبير فأتى باسم الإشارة أولًا مقرونًا بخطابهما ولم يأت به ثانيًا كذلك وأتى بالرب مضافًا إلى ضميره أولًا وبالاسم الجليل ثانيًا، ويجوز أن يكون المشار إليه في الموضعين الإخبار بالمغيبات مطلقًا، والكلام في سائر الآية عليه لا أظنه مشكلًا، وعلى الوجهين لا ينافي تعليل نيل تلك الكرامة- بتركه ملة الكفرة واتباعه ملة آبائه الكرام- الإخبار بأن ذلك من فضل الله تعالى عليه وعلى من معه كما لا يخفى، نعم إن حمل الإشارة على ما ذكر وتوجيه الآية عليه بما وجهت لا يخلو عن بعد.
ومن الناس من جعل الإشارة إلى النبوة وفيه ما فيه أيضًا.
هذا أوجب الإمام كون المراد في قوله: {لا يشكرون} لا يشكرون الله تعالى على نعمة الإيمان، ثم قال: وحكي أن واحدًا من أهل السنة دخل على بشر بن المعتمر فقال: هل تشكر الله تعالى على الإيمان أم لا؟ فإن قلت: لا فقد خالفت الإجماع، وإن شكرته فكيف تشكره على ما ليس فعلًا له؟! فقال بشر: إنا نشكره على أن أعطانا القدرة والعقل والآلة، وأما أن نشكره على الإيمان مع أنه ليس فعلًا له فذلك باطل، وصعب الكلام على بشر فدخل عليهم ثمامة بن الأشرس، فقال: إنا لا نشكر الله تعالى على الإيمان بل الله تعالى يشكره علينا كما قال سبحانه: {فأولئك كان سعيهم مشكورًا} [الإسراء: 19] فقال بشر: لما صعب الكلام سهل، وتعقب ذلك عليه الرحمة بأن الذي التزمه ثمامة باطل (وهو على طرف الثمام) بنص هذه الآية لأنه سبحانه بين فيها أن عدم الإشراك من فضل الله تعالى، ثم بين أن أكثر الناس لا يشكرون هذه النعمة، وقد ذكر سبحانه ذلك على سبيل الذم فدل على أنه يجب على كل مؤمن أن يشكر الله تعالى على الإيمان لئلا يدخل في الذم وحينئذ تقوى الحجة وتكمل الدلالة اه.
ولعل الوجه في الآية ما تقدم فليفهم. اهـ.

.قال القاسمي:

{قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا}
أي: قبل أن يصلكما. والمراد بالطعام: ما يبعث إلى أهل السجن. وتأويله ذكر ما هو، بأن يقول: يأتيكما طعام كيت وكيت، فيجدانه كذلك. وحقيقة (التأويل): تفسير الألفاظ المراد منها خلاف ظاهرها ببيان المراد.
قال أبو السعود: فإطلاقه على تعيين ما سيأتي من الطعام، إما بطريق الاستعارة. فإن ذلك بالنسبة إلى مطلق الطعام المبهم بمنزلة التأويل، بالنظر إلى ما رُئي في المنام، وشبيه له. وإما بطريق المشاكلة، حسبما وقع في عبارتهما من قولهما: {نَبِّئْنا بِتأويلهِ}. ومراده عليه السلام بذلك: بيان كل ما يهمهما من الأمور المترقبة قبل وقوعها. وإنما تخصيص الطعام بالذكر؛ لكونه عريقًا في ذلك، بحسب الحال، مع ما فيه من مراعاة حسن التخلص إليه مما استعبراه من الرؤيتين المتعلقتين بالشراب والطعام.
{ذَلِكُمَا} أي: ذلك التأويل والإخبار بالمغيبات: {مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} أي: بالوحي والإلهام، لا من التكهن والتنجيم. وفيه إشعار بأن له علومًا جمة، ما سمعاه شذرة من جواهرها. وقوله تعالى: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}.
{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ}
هذه الجملة إما مسوقة لبيان علة تعليم الله له بالوحي والإلهام، أي: خصني بذلك لترك الكفر، وسلوك طريق آبائي المرسلين، أو كلام مستأنف، ذكر تمهيدًا للدعوة، وإظهار أنه من بيت النبوة، لتقوى رغبتهما في الاستماع إليه، والوثوق به، والمراد بتركه ملة الكفر: الامتناع عنها رأسًا، كما يفصح عنه قوله: {مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ} أي: ما صح ولا استقام ذلك لنا، فضلًا عن الوقوع. وإنما عبر عنه بذلك؛ لكونه أدخل بحساب الظاهر في اقتدائهما به عليه السلام، والتخصيص بهم مع أن الشرك لا يصح من غيرهم أيضًا؛ لأنه يثبت بالطريق الأولى. أو المراد: نفي الوقوع منهم لعصمتهم. وتكرير (هم) للدلالة على اختصاصهم، وتأكيد كفرهم بالآخرة، وزيادة (من) في المفعول أعني: {مِن شَيْءٍ}؛ لتأكيد العموم، أي: لا نشرك به شيئًا من الأشياء، قليلًا أو حقيرًا، صنمًا أو ملكًا أو جنيًا أو غير ذلك.
وقوله: {ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ} يعني عدم الإشراك بالله، وهو التوحيد، من نعم الله العامة، التي يجب شكره تعالى على الهداية لها بالفطر السليمة، ونصب الدلائل الأنفسية والآفاقية.
ثم بين أن أكثر الناس نبذوا هذه النعمة بعد ما حق عليهم شكرها. اهـ.

.قال ابن عاشور:

جملة: {قال لا يأتيكما}
جواب عن كلامهما ففصلت على أسلوب حكاية جمل التحاور.
أراد بهذا الجواب أن يفترص إقبالَهما عليه وملازمة الحديث معه إذ هما يترقبان تعبيره الرؤيا فيدمج في ذلك دعوتهما إلى الإيمان الصحيح مع الوعد بأنّه يعبّر لهما رؤياهما غير بعيد، وجعل لذلك وقتًا معلومًا لهم، وهو وقت إحضار طعام المساجين إذ ليس لهم في السجن حوادث يوقتون بها، ولأن انطباق الأبواب وإحاطة الجدران يحول بينهم وبين رؤية الشمس، فليس لهم إلا حوادث أحوالهم من طعام أو نوم أو هبوب منه.
ويظهر أن أمد إتيان الطعام حينئذٍ لم يكن بعيدًا كما دل عليه قوله: {قبل أن يأتيكما} من تعجيله لهما تأويل رؤياهما وأنه لا يتريث في ذلك.
ووصف الطعام بجملة: {ترزقانه} تصريح بالضبط بأنه طعام معلوم الوقت لا ترقب طعام يهدى لهما بحيث لا ينضبط حصوله.
وحقيقة الرزق: مَا به النفع، ويطلق على الطعام كقوله: {وجَد عندها رزقا} [سورة آل عمران: 37] أي طعامًا، وقوله في سورة الأعراف (50): {أو ممّا رزقكم الله} وقوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} [سورة مريم: 62].
ويطلق على الإنفاق المتعارف كقوله: {وارزقوهم فيها واكسوهم} [سورة النساء: 5].
ومن هنا يطلق على العطاء الموقت، يقال: كان بنو فلان من مرتزقة الجند، ورزق الجند كذا كل يوم.
وضمير {بتأويله} عائد إلى ما عاد إليه ضمير: {بتأويله} [سورة يوسف: 36] الأول، وهو المرئي أو المنام.
ولا ينبغي أن يعود إلى طعام إذ لا يحسن إطلاق التأويل عن الأنباء بأسماء أصناف الطعام خلافًا لما سلكه جمهور المفسرين.
والاستثناء في قوله: {إلاّ نَبّأتكما بتأويله} استثناء من أحوال متعددة تناسب الغرض، وهي حال الإنباء بتأويل الرؤيا وحال عدمه، أي لا يأتي الطعام المعتاد إلا في حال أني قد نبأتكما بتأويل رؤياكما، أي لا في حال عدمه.
فالقصر المستفاد من الاستثناء إضافي.
وجردت جملة الحال من الواو (وقَد) مع أنها مَاضية اكتفاء بربط الاستثناء كقوله تعالى: {ولا يقطعون واديًا إلا كتب لهم} [سورة التوبة: 121].
وجملة {ذلكما مما علمني ربي} استئناف بياني، لأنّ وعده بتأويل الرؤيا في وقت قريب يثير عجب السائلين عن قوة علمه وعن الطريقة التي حصل بها هذا العلم، فيجيب بأن ذلك مما علمه الله تخلصًا إلى دعوتهما للإيمان بإلهٍ واحد.
وكان القبط مشركين يدينون بتعدد الآلهة.
وقوله: {ممّا علمني ربي} إيذان بأنّه علّمه علومًا أخرى، وهي علوم الشريعة والحكمة والاقتصاد والأمانة كما قال: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} [سورة يوسف: 55].
وزاد في الاستيناف البياني جملة {إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله} لأن الإخبار بأن الله علّمه التّأويل وعلومًا أخرى مما يثير السؤال عن وسيلة حصول هذا العلم، فأخبر بأن سبب عناية الله به أنّه انفرد في ذلك المكان بتوحيد الله وترك ملة أهل المدينة، فأراد الله اختياره لديهم، ويجوز كون الجملة تعليلًا.
والملة: الدين، تقدم في قوله: {دينًا قيمًا ملة إبراهيم حنيفًا} في سورة الأنعام (161).
وأراد بالقوم الذين لا يؤمنون بالله ما يشمل الكنعانيين الذين نشأ فيهم والقبط الذين شبّ بينهم، كما يدلّ عليه قوله: {ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها} [سورة يوسف: 39]، أو أراد الكنعانيين خاصة، وهم الذين نشأ فيهم تعريضًا بالقبط الذين ماثلوهم في الإشراك.
وأراد بهذا أن لا يواجههم بالتشنيع استنزالًا لطائر نفورهم من موعظته.
وزيادة ضمير الفصل في قوله: {هم كافرون} أراد به تخصيص قوم منهم بذلك وهم الكنعانيون، لأنهم كانوا ينكرون البعث مثل كفار العرب.
وأراد بذلك إخراج القبط لأن القبط وإن كانوا مشركين فقد كانوا يثبتون بعث الأرواح والجزاء.
والترك: عدم الأخذ للشيء مع إمكانه.
أشار به إلى أنه لم يتبع ملة القبط مع حلوله بينهم، وكون مولاه متدينًا بها.
وذكر آباءه تعليمًا بفضلهم، وإظهارًا لسابقية الصلاح فيه، وأنه متسلسل من آبائه، وقد عقله من أول نشأته ثم تأيد بما علّمه ربّه فحصل له بذلك الشرف العظامي والشرف العصامي.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكرم الناس: «يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم نبيء ابن نبيء ابن نبيء ابن نبيء».
ومثل هذه السلسلة في النبوءة لم يجتمع لأحد غير يوسف عليه السّلام إذا كان المراد بالنبوءة أكملها وهو الرسالة، أو إذا كان إخوة يوسف عليه السّلام غير أنبياء على رأي فريق من العلماء.
وأراد باتّباع ملّة آبائه اتباعَها في أصولها قبل أن يعطى النبوءة إذا كان فيما أوحي إليه زيادة على ما أوحي به إلى آبائه من تعبير الرؤيا والاقتصاد؛ أو أن نبوءته كانت بوحي مثل ما أوحي به إلى آبائه، كقوله تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحًا إلى قوله أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه} [سورة الشورى: 13].
وذكر السلف الصالح في الحقّ يزيد دليل الحقّ تمكّنًا، وذكر ضدهم في الباطل لقصد عدم الحجة بهم بمجردهم.
كما في قوله الآتي: {ما تعبدون من دونه إلا أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم} [سورة يوسف: 40].
وجملة {ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء} في قوة البيان لما اقتضته جملة: {واتّبعتُ ملة آبائي} من كون التوْحيد صار كالسجية لهم عرف بها أسلافه بين الأمم، وعرّفهم بها لنفسه في هذه الفرصة.
ولا يخفى ما تقتضيه صيغة الجحود من مبالغة انتفاء الوصف على الموصوف، كما تقدم في قوله تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب} في سورة آل عمران (79)، وعند قوله تعالى: {قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍ}
في آخر سورة العقود (116).
و{من} في قوله: {مِن شيء} مزيدة لتأكيد النفي.
وأدخلت على المقصود بالنفي.
وجملة: {ذلك من فضل الله علينا} زيادة في الاستئناف والبيان لقصد الترغيب في اتباع دين التوحيد بأنه فضل.
وقوله: {وعلى الناس} أي الذين يتبعونهم، وهو المقصود من الترغيب بالجملة.
وأتَى بالاستدراك بقوله: {ولكن أكثر الناس لا يشكرون} للتصريح بأن حال المخاطبين في إشراكهم حال من يكفر نعمة الله، لأن إرسال الهداة نعمة ينبغي أن ينظر الناس فيها فيعلموا أن ما يدعونَهم إليه خير وإنقاذ لهم من الانحطاط في الدنيا والعذاب في الآخرة، ولأن الإعراض عن النظر في أدلة صدق الرسل كفر بنعمة العقل والنظر. اهـ.

.قال الشعراوي:

{قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا}
وبذلك أوضح لهما أنهما لا يريان منه إلا الظاهر من السلوك، ولكن هناك أمور مخفية، وكأنه يُنمي فيهما شعورهما بمنزلته وبإحسانه وبقدرته على أن يخبرهما بأوصاف ونوع أيِّ طعام يُرزَقانِه قبل أن يأتي هذا الطعام.